حَمْــــزَة..¹³

​​وقود الزواج السكون!

للزواج خلطةٌ معقّدة، تركيبةٌ مختلفة من شخصين ينصهر كل منهما في الآخر بأصله وتربيته ونشأته وخلفيته وأفكاره ومبادئه واعتقاداته، لو أتيت باثنين متشابهين في هذا كله كأن يكونا أخوين مثلًا، فإنه من شبه المستحيل أن تجعلهما يعيشان معًا طوال العمر في فراش واحد وبيت واحد وشؤون يومية واحدة.

أن يكون هناك اثنان، من جنسين مختلفين، ولكل منهما عالمه بكل ما يحتويه من اختلافات، ويقبلان على خطوة الزواج بكل ما يشمله من حقوق وواجبات ومشاكل وحلول وخلافات واتفاقات، ويمضيان إلى تملّك المفتاح نفسه للباب نفسه ويعيشان في البيت نفسه بكل ما يحتويه من خصوصيات فهذه معجزة ليست بالهيّنة.

وربما تشعر بالكلام معادلةً حسابيةً جافة أو مسألة كلامية مملّة كتلك التي يرسب فيها الكثيرون بالرياضيّات، لكن الواقع أليَن من ذلك بكثير، ومختلف كليًّا عن هذا الجفاف، حين يفهم الزوجان أنهما في "معجزة" لا "مسألة".

خالق المعجزة، أتمّها على أجمل ما يكون، بأن وضع القواعد والقوانين التي تمكّن لانصهار هذه المكونات في تناغم مبهر، وتجانس عجيب، حتى يشعر كل فرد في المنظومة العظيمة أنه لم يكن ليُخلق إلا بصحبة هذا "الآخر"، الذي صار في يوم وليلة، وبكلمة وصيغة، وعقد، وأمور أخرى عملاقة في القلب- "نفسه".

‏فيصير "نفسه" التي خلق منها، فيعرف كيف يصبر على "نفسه"، وكيف يحتويها، وكيف يحافظ على مساحته في وجودها، وكيف يقلص المسافة بين "الأنا" و"الأنا"، ويكون البيت هو ذلك المكان الذي تسكن فيه أقدار الله اللطيفة بعباده، حتى يطلع الصبح، وكل صبح، وهما معًا.

جعل الله وقود الزواج السكون بدلًا من الاحتراق، وطبيعته التوهّج بدلًا من الانطفاء، وأعمدته المودة والرحمة والأمان والاطمئنان والسكن بدلًا من الحبّ وحده، فلا ينهدم في أوقات الفتور، ولا حين تقع أفعال كُره...

وإنما ينبني على ودٍّ هو "صنائع" أشمل من أن يكون "مشاعر"، ورصيدٍ ينمو أكثر من أن يكون مخزونًا ينفد، فتكون منظومة الزواج كلها هي الوسيلة، وتكون لحظة القران هي ضربة البداية التي تقود إلى أسمى الأهداف ومنتهى الغايات، لا الهدف النهائيّ الذي تفنى بعده الوسائل، فيبهت معناه وتضيع حلاوته.

- لصاحبه

www.tg-me.com/us/حَمْــــزَة ¹³/com.AlfuadAlelmea/21494

2.2K viewsJun 20, 2023 at 11:25

​​وقود الزواج السكون!

للزواج خلطةٌ معقّدة، تركيبةٌ مختلفة من شخصين ينصهر كل منهما في الآخر بأصله وتربيته ونشأته وخلفيته وأفكاره ومبادئه واعتقاداته، لو أتيت باثنين متشابهين في هذا كله كأن يكونا أخوين مثلًا، فإنه من شبه المستحيل أن تجعلهما يعيشان معًا طوال العمر في فراش واحد وبيت واحد وشؤون يومية واحدة.

أن يكون هناك اثنان، من جنسين مختلفين، ولكل منهما عالمه بكل ما يحتويه من اختلافات، ويقبلان على خطوة الزواج بكل ما يشمله من حقوق وواجبات ومشاكل وحلول وخلافات واتفاقات، ويمضيان إلى تملّك المفتاح نفسه للباب نفسه ويعيشان في البيت نفسه بكل ما يحتويه من خصوصيات فهذه معجزة ليست بالهيّنة.

وربما تشعر بالكلام معادلةً حسابيةً جافة أو مسألة كلامية مملّة كتلك التي يرسب فيها الكثيرون بالرياضيّات، لكن الواقع أليَن من ذلك بكثير، ومختلف كليًّا عن هذا الجفاف، حين يفهم الزوجان أنهما في "معجزة" لا "مسألة".

خالق المعجزة، أتمّها على أجمل ما يكون، بأن وضع القواعد والقوانين التي تمكّن لانصهار هذه المكونات في تناغم مبهر، وتجانس عجيب، حتى يشعر كل فرد في المنظومة العظيمة أنه لم يكن ليُخلق إلا بصحبة هذا "الآخر"، الذي صار في يوم وليلة، وبكلمة وصيغة، وعقد، وأمور أخرى عملاقة في القلب- "نفسه".

‏فيصير "نفسه" التي خلق منها، فيعرف كيف يصبر على "نفسه"، وكيف يحتويها، وكيف يحافظ على مساحته في وجودها، وكيف يقلص المسافة بين "الأنا" و"الأنا"، ويكون البيت هو ذلك المكان الذي تسكن فيه أقدار الله اللطيفة بعباده، حتى يطلع الصبح، وكل صبح، وهما معًا.

جعل الله وقود الزواج السكون بدلًا من الاحتراق، وطبيعته التوهّج بدلًا من الانطفاء، وأعمدته المودة والرحمة والأمان والاطمئنان والسكن بدلًا من الحبّ وحده، فلا ينهدم في أوقات الفتور، ولا حين تقع أفعال كُره...

وإنما ينبني على ودٍّ هو "صنائع" أشمل من أن يكون "مشاعر"، ورصيدٍ ينمو أكثر من أن يكون مخزونًا ينفد، فتكون منظومة الزواج كلها هي الوسيلة، وتكون لحظة القران هي ضربة البداية التي تقود إلى أسمى الأهداف ومنتهى الغايات، لا الهدف النهائيّ الذي تفنى بعده الوسائل، فيبهت معناه وتضيع حلاوته.

- لصاحبه

BY حَمْــــزَة..¹³